يعد المسح السيزمي أداة عملية لتحديد التكوين الجيولوجي تحت سطح الأرض،
ويعتمد على تفجير شحنة صغيرة من المتفجرات قريبة من السطح، تنتج عنها صدمة
آلية أو هزة أو موجة سيزمية، من نوع ريلي Rayleigh أو لف Love ، وهذه
الموجة تعود إلى السطح بعد انعكاسها من الأوجه الفاصلة بين الطبقات ذات
الخواص الطبيعية المختلفة، وتسجل الانعكاسات بأجهزة حساسة سريعة الاستجابة
لحركة الأرض Geophones & Detectors، توضع على أبعاد محددة من نقطة
التفجير لتلقي الموجات الصوتية المنعكسة وقياس زمن ارتداد الموجة السيزمية .
ومن المعروف أن سرعة الموجات الصوتية تعتمد على كثافة الصخور التي تمر بها.
ويمكن حساب أعماق الطبقات وسمكها واستنتاج أنواعها بقياس أزمنة الانعكاس
ومقارنتها، وتعرف الظواهر التركيبية في الطبقات السفلى، وبيئة الترسيب، ومن
ثم إنتاج خرائط تركيبية لأي مستوى جيولوجي يعطي انعكاسات للموجات الصوتية،
وتحديد أماكن الطيات المحدبة والفوالق والقباب الملحية والشعب وخواصها.
ويجري المسح السيزمي أيضاً في البحار، باستبدال المتفجرات بشرارة كهربية
ذات فولت عال، قد يصل إلى عشرة آلاف فولت، تفرغ تحت الماء لإحداث نبض سمعي
Acoustic Pulse على فترات قصيرة متتابعة لإجراء المسح السيزمي على أعماق
بين 100، 400 متر. ويمكن إجراء هذا المسح على أعماق كبيرة قد تصل إلى 2-
2.5كم باستخدام قاذف صغير لخليط متفجر من غازي البروبان والأكسجين يشعل
بشرارة كهربية. وطريقة الانعكاس السيزمي أنجح الطرق السيزمية المستخدمة في
معرفة الطبقات القريبة من سطح الأرض، وتحديد الظواهر التركيبية التي يشتمل
أنها مكامن بترولية، وبخاصة الطيات المحدبة والفوالق والقباب الملحية وبعض
البنيات الاختراقية الأخرى.
أما طريقة الانكسار السيزمي فتتيح تسجيل الإشارات السيزمية على مسافات
كبيرة من نقطة التفجير، والحصول على معلومات عن السرعات والأعماق الخاصة
بالطبقات تحت السطحية التي تنتقل خلالها. واستخدمت في الماضي في تحديد
جوانب قباب الملح قبيل استخدام الطريقة الانعكاسية. ومع أن طريقة الانكسار
لا تعطي معلومات دقيقة عن التراكيب الصخرية، وهي أقل استخداما في استكشاف
البترول حاليا، إلا أنها مصدر جيد للمعلومات عن سرعة انتشار الموجات في طبقات
الانكسار، وبالتالي التحديد التقريبي لمواقع وأعماق طبقات صخرية أو تكوينات
جيولوجية معينة. ومن المعروف أن سرعة انتشار الموجات السيزمية تبلغ نحو
5500 قدم/ ثانية في الرواسب الفتاتية، وترتفع إلى أكثر من 23000 قدم/ ثانية
في بعض الصخور النارية، وبذلك يسهل تحديد عمق الحوض الرسوبي وشكله برسم
خريطة صخور القاعدة التي تتراكم عليها الصخور الرسوبية.
طريقة الجاذبية :تعتمد طريقة البحث بالجاذبية ـ في حدود الأميال الأولى القليلة من سطح
الأرض ـ على قياس التغييرات الصغيرة في جذب الصخور للأجسام والكتل فوق
سطحها، إذ تختلف قوى الجذب من مكان لآخر طبقا لاختلاف كثافات الصخور تحت
سطح الأرض، لأن الجاذبية تتناسب طرديا مع الكتل الجاذبة، وعكسيا مع مربع
المسافة إليها. وإذا كانت الطبقات الأعلى كثافة مقوسة إلى أعلى في تركيب
مرتفع مثل الطية المحدبة فإن مجال الجاذبية الأرضية يكون فوق محور الطية
أكبر منه على طول أجنابها، كما أن القبة الملحية، الأقل كثافة من الصخور
التي اخترقتها، يمكن كشفها من القيمة الصغيرة للجاذبية المقاسة فوقها
بالمقارنة بقيمة الجاذبية على أي من الجانبين. ولابد لقياس التغير الطفيف
في قيمة الجاذبية من مكان لآخر من أجهزة ذات حساسية عالية، لدرجة أنها تسجل
التغيرات في الجاذبية لجزء في المليون من عجلة الجاذبية الأرضية، وتسمى
الجرافيمترات Gravimeters، وهي أداة رسم خريطة تغيرات الجاذبية في منطقة
البحث عن
البترول التي يمكن من خلالها ترجيح وجود تراكيب جيولوجية معينة مثل الفوالق
والطيات، أو تداخل صخور القاعدة ذات الكثافة العالية في صخور رسوبية ذات
كثافة أقل.
وبصفة عامة يستفاد من طريقة الجاذبية في تحديد الأحواض الرسوبية، وامتدادها
وسمكها، باعتبار أن كثافة صخور القاعدة أعلى من كثافة الطبقات المترسبة
فوقها، وكذا في تحديد أماكن القباب الملحية، وشعاب الحجر الجيري Limestone
Reefs، والطيات المحدبة (اُنظر شكل تحديد الطية المحدبة)،
ثم في تعيين الحدود الفاصلة بين الكتل الصخرية ذات الكثافات المختلفة. ومع
ذلك يجب أن نسلم بأن الصخور الخازنة ليست متجانسة في خواصها مما يقتضي
استخدام طرق أخرى للمسح الجيوفيزيائي لتكوين صورة متكاملة ودقيقة للخزان
البترولي، تستكمل بالمسح السيزمي والحفر الاستكشافي. وقد استخدمت طريقة
الجاذبية في تحديد أماكن القباب الملحية في ساحل خليج المكسيك بالولايات
المتحدة الأمريكية، وفي
الكشف عن التراكيب المحدبة في وسط القارة الأمريكية التي تعد مكامن محتملة للسوائل الهيدروكربونية.
الطريقة المغناطيسية :يستخدم المسح المغناطيسي لقياس التغير في شدة المجال المغناطيسي للأرض من
مكان لآخر، بسبب اختلاف التراكيب الجيولوجية، والتغيرات الطبوغرافية لأسطح
صخور القاعدة، والتأثيرية المغناطيسية Magnetic Susceptibility لهذه
الصخور، أو الصخور النارية أو المتحولة التي تحتوي في العادة على نسب أعلى
من معدن المجنتيت Magnetite ذي الخواص المغناطيسية، أو الصخور القريبة من
سطح الأرض. وتستخدم المغناطومترات Magnetometers في المسح المغناطيسي على
الأرض، ومن الطائرة أو السفن وبخاصة لتحديد سمك الطبقات الرسوبية الخازنة
للبترول، أو المعادن المغناطيسية.
وحديثاً تستخدم الأقمار الصناعية في رسم الخرائط الكنتورية للتغيرات في شدة
المجال المغناطيسي لتحديد التراكيب الجيولوجية في مناطق المسح المغناطيسي،
وبخاصة أماكن الطيات والصدوع في القشرة الأرضية المرجح وجود تجمعات
البترول بها، وحساب أعماق صخور القاعدة بما يساعد في تقدير سمك وامتداد الطبقات
الرسوبية وامتدادها، وكذا تعرف تداخلات الصخور النارية بين هذه الطبقات
الرسوبية. وقد ساعدت الطريقة المغناطيسية على اكتشاف حقول بترولية عديدة في
المملكة العربية السعودية، ومنها حقول الحوطة والدلم عام 1989م، والرغيب
والنعيم والحلوة والهزمية والغينة في المنطقة الوسطى عام 1990م، ثم حقل
مدين على الساحل الشمالي للبحر الأحمر عام 1993م.
الطريقة الكهربية :
تعتمد هذه الطريقة على اختلاف قياسات المقاومة النوعية الكهربية بين شتى
أنواع الصخور، وبخاصة بين الملح والرسوبيات، ويسهل باستخدامها تحديد عمق
صخور القاعدة بفضل ارتفاع قيم المقاومة النوعية لها. وإذا كانت التباينات
في الخواص الكهربية للصخور الرسوبية محدودة، فإن الصخور الجيرية الكتلية
والأنهيدريت تتميز بمقاوماتها النوعية العالية. كذلك تستخدم طريقة الجهد
الذاتي لإجراء قياسات على السطح بالميللي فولت للجهود الكهروكيميائية
الناشئة في الأرض بالتفاعل الكيميائي الكهربي بين بعض المعادن والمحاليل
ذات الخصائص الكهربية المتلامسة معها.
الدراسات الجيوكيميائية :
تنفذ هذه الدراسات في الطريقة المباشرة للبحث عن
البترول أثناء مرحلة الحفر الأولى، ولا سيما إذا وجدت شواهد بترولية على سطح
الأرض، نتيجة هجرة بعض الهيدروكربونات من مكمن للبترول أو الغاز الطبيعي
تحت ضغط مرتفع نسبيا وتحركها إلى السطح.
وتهدف الدراسات الجيوكيميائية إلى تحديد الطبقات القادرة على توليد
البترول، والصخور الخازنة للبترول، وتحديد أنواع الهيدروكربونات الموجودة
من بترول أو غاز أو مكثفات. وتبدأ الدراسة الجيوكيميائية بالدراسات السطحية
التي تشمل قياس كمية الغازات الممتصة على حبيبات التربة أو حبيبات الصخور
تحت السطحية القريبة من سطح الأرض، وقياس الاستشعاع الصادر من التربة
Fluorescence، ومحاولة تحديد أنواع البكتريا التي تعيش وتنمو مع مختلف
أنواع الهيدروكربونات، وإجراء المسح الإشعاعي لتتبع هجرة الهيدروكربونات.
وتتعدد الدراسات تحت السطحية، وتبدأ بتحديد كمية الكربون العضوي في الصخور التي تتراوح بين 2%، 10% في الصخور المولدة لحقول
البترول العملاقة، والتحليل الغازي لسائل الحفر وفتاته (Mud Logging) كما تشمل
تحديد السحنة الحرارية، فلون الكيروجين في الطفل الصفحي يتغير من الأصفر
إلى البني البرتقالي ثم الأسود مع زيادة درجة الحرارة، وهذا التغير اللوني
من دلائل وجود
البترول والغاز.
وتساعد الدراسات الجيوكيميائية على تقويم أحواض الترسيب، وترجيح احتمالات تواجد تجمعات
البترول والغاز التي أسفرت عنها طرق المسح الجيوفيزيائي، وتقدير أعماق الصخور
المولدة والخازنة والحابسة، ونوعيات المصائد البترولية، وهي تخدم مباشرة
اختيار أماكن الحفر.
الحفر الاستكشافي :يلي المسح الجيوفيزيائي والدراسات الجيوكيميائية التي تقود إلى تحديد أنسب
الأماكن التي يرجح أن تكون حقولا منتجة، ويبدأ بحفر أولي الآبار
الاستطلاعية التي تسمى بئر القطة البرية Wild Cat Well طبقا لتقدير علمي
دقيق لموقع الحفر والأعماق المطلوب الوصول إليها، وأنواع الأجهزة التي
تستخدم في تجويف البئر، ثم تسجل النتائج في وثيقة التسجيل البئري Well
Logging والتي تشمل تحديد أنواع وسمك الطبقات وسمكها، وتقدير أعمار الصخور
طبقا للحفريات الموجودة في كل طبقة إلى جانب قياسات المقاومة الكهربية
والنشاط الإشعاعي وانتشار الموجات الصوتية، والكثافة، وتستكمل بالصفات
الطبيعية مثل المسامية والنفاذية، والخصائص الكيميائية. وتتم متابعة تحليل
العينات الجوفية أولا بأول خلال حفر البئر الاستكشافي بهدف معرفة وتحديد
تتابع الطبقات للصخور الرسوبية في الحقول البترولية المنتظرة.
وعادة تحفر البئر الاستكشافية الأولى على قمة التركيب الجيولوجي المراد
استكشافه، أو على الموقع المقدر نظريا أن يحقق أكبر إنتاج ممكن. ويراعى ما
أمكن ذلك أن يكون تجويف البئر رأسيا، واختبار زاوية ميله كلما تعمق الحفر
لإجراء التصحيحات المطلوبة عند الضرورة. ومع أن حفر البئر الأولي يعطي
الدليل على وجود البترول، وتركيب المكمن البترولي، وأعماق الطبقات الحاوية
للزيت من سطح الأرض وخواصها، إلا أن تحديد الحقل البترولي، وحساب كميات
البترول المنتظر إنتاجها، وتقدير الاحتياطي المرجح من
البترول في الحقل يتطلب حفر آبار استكشافية أخرى حول البئر الأولي. ويجري في حالات
عديدة حفر "الآبار القاعية" العميقة في الأماكن الملائمة لتجمع الزيت أو
الغاز، لدراسة التركيب الجيولوجي والظروف الهيدرولوجية لتكوين الطبقات
الرسوبية، وكذا "الآبار البارامترية" لتدقيق المعلومات عن التراكيب
الجيولوجية للصخور في منطقة البحوث الاستكشافية.
طريقة تسجيل الآبار :هي طريقة واسعة الاستخدام قبل حفر آبار
البترول وفي أثناء الحفر وبعده، لتحديد الخواص الفيزيائية المختلفة للطبقات تحت
سطح الأرض، من خلال إنزال أجهزة قياس متنوعة في الآبار لتحديد المقاومة
النوعية الكهربية ، والجهد الذاتي والتأثيرية، والسرعة الصوتية، والكثافة،
والخواص المغناطيسية، وإطلاق أشعة وفوتونات جاما الطبيعية، أو توليد أشعة
جاما استجابة لقذف النيوترونات.
والتسجيلات الكهربية (اُنظر شكل طريقة تسجيل الآبار) تتيح قياس المقاومة
النوعية للصخور، ورسم الحدود بين الطبقات، وتحديد مناطق تدفق السوائل
ودراسة المياه الجوفية وتحديد ملوحتها، وبذلك يسهل تعيين الطبقات المنفذة
للسوائل والأسطح والحواف التي تحدها. والطرق الكهرومغناطيسية تكشف اختلاف
الخواص التأثيرية للصخور تحت سطح الأرض.
وقد استخدمت طرق المقاومة النوعية والكهرومغناطيسية الأرضية في روسيا
لإعداد خرائط الطبقات الرسوبية في مراحل الاستكشاف البترولي المبكرة، وفي
فرنسا استخدمت الطرق الكهربية في البحث عن المعادن الصلبة، وتتبع الطاقة
الحرارية الأرضية
أما تسجيل النشاط الإشعاعي الطبيعي للصخور فيجري باستخدام أجهزة كشف إشعاعي
متنوعة على الأرض، وفي الآبار، ومن خلال المسح الجوي الإشعاعي. كذلك
يستخدم مصدر لإشعاع النيوترونات، مثل خليط من البريليوم والراديوم، ويستقبل
الإشعاع المنطلق من الصخور، وقياس درجة امتصاص النيوترونات بواسطة أيونات
الهيدروجين الموجودة في
البترول أو الماء أو الغاز.
وتفيد دراسة النشاط الإشعاعي للصخور في تعرف التراكيب الصخرية، ومـدى
احتوائها على سوائل، وأنواع تلك السوائل، ووجود الغازات الطبيعية، ومسامية
الصخور، كما تستخدم أشعة جاما في
الكشف عن الطفلة الحجرية الزيتية
Oil Shales كذلك فإن المسح الإشعاعي من أفضل طرق تعيين وتقويم رواسب
المعادن المشعة تحت سطح الأرض، سواء التي تحتوي على اليورانيوم أو
الثوريوم.
وتجري تسجيلات الانتشار الصوتي لقياس سرعة سريان الموجات الصوتية في كل
طبقة من الطبقات الصخرية على حدة، وتحديد الاختلاف بينها في المقاومة
الصوتيةAcoustic Impedance ، ما يساعد في معرفة مسامية الصخور تحت السطحية.